• 8 عوامل سارعت في استنزاف المياه الجوفية أبرزها تجاهل خطط التنمية

    21/01/2009

    في محاضرة بعنوان (الماء همنا) .. الغامدي:
    آبار ارتوازية عشوائية،   تنذر بـ "أزمة" مائية قادمة
    أكد عضو هيئة التدريس بكلية العلوم الزراعية والأغذية بجامعة الملك فيصل الدكتور محمد بن حامد الغامدي على أن هناك ثمانية عوامل سارعت في استنزاف المياه الجوفية بالمملكة في مقدمتها ( تجاهل خطط التنمية، و    أسعار الضمان، و برامج التسهيلات الحكومية، والتوسع الأفقي، بتوزيع الأراضي الزراعية، و تأسيس الشركات والمشاريع الزراعية، والسماح لغير المزارعين بتملك أراضي زراعية، و التوسع في حفر الآبار الارتوازية، و  التوسع الرزاعي العشوائي)
    وقال الغامدي في محاضرة نظمتها غرفة الشرقية أمس الأول الثلاثاء إن إدارة المياه والحفاظ عليها هي ثقافة دعت لها وزارة التخطيط منذ خطة التنمية الثانية عام  1975  ، لكن ما يحصل أن بعض الآبار تنخفض 10 أمتار في كل سنة، بل أن جميع العيون الفوارة في المملكة قد توقفت عن العمل.. فمثلا واحة الاحساء التي كانت تمنح عيونها 220 مليون متر مكعب سنويا، والماء كان يستخرج على عمق ثلاثة أمتار، بات يستخرج على عمق 30 مترا، ويهبط سنويا من 1 ــ 4  أمتار
    وذكر أن الخطة الخمسية الثانية نصت على:"عدم السماح بزيادة استعمال المياه في  الأغراض الزراعية إلا إذا ثبت أن مثل هذه الزيادة تحقق المصلحةالعامةعلى المدى الطويل"كما أن الخطة دعت إلى إعداد خطة وطنية شاملة للمياه في إطار الخطوط العريضة للسياسة الوطنية
    .. وحثت أخيرا على:"زيادة الوعي العام بأهمية المياه موردا وبالتالي تشجيع السلوك السليم في استعمال المياه والمحافظة عليها.
    وقال الغامدي أنه وبعد أكثر من ثلاثة عقود وحتى اليوم لم يتم  انجاز أي من تلك التطلعات المهمة!
    وفي خطة التنمية الثالثة 1980 بينت الخطة أن "ثمة مناطق بجوار مدينة الرياض أدى الإفراط في استخراج المياه المحلية إلى حدوث نقص شديد  في المياه.. والنتيجة ــ حسب الدكتور الغامدي ـ تم تجاهل ذلك التحذير وظل التوسع الزراعي قائم على أشده وخلال هذه الخطة الثالثة زادت المساحة المزروعة بنسبة بلغت أكثر من:  (478%)
    وأورد انه وفي خطة التنمية الرابعة 1985 تم التشديد على أهمية
    فرض السياسات التي تحد من تبديد موارد المياه..  وبينت الخطة بان بعض مناطق المملكة قد تواجه نقصا شديدا في المياه في المستقبل القريب إذا لم يتم تبني إجراءات المحافظة على المياه للتحكم في الاستهلاك الجائر وهذا يتطلب ــ  حسب الخطة ـ  الكثير من التنسيق و المراقبة من قبل الجهات المعنية بتطوير مصادر المياه .. و حذرت الخطة من " الزيادة الكبيرة في استهلاك المياه مما تستلزم فرض بعض السياسات الأساسية التي لها صلة بالاستمرار في تنمية قطاع المياه خلال فترة خطة التنمية الرابعة وما بعدها وتوجيهها نحو المحافظة على المياه".
     وقال الغامدي ان الخطة دعت إلى  "إقامة تنسيق وثيق بين خطط التنمية الزراعية وخطط تنمية المياه" وكانت النتيجةـ تجاهل كل توصيات هذه الخطة، فزادت المساحة المزروعة عن الخطة الثالثة بنسبة أكثر من  (106%)
    وجاء في خطة التنمية الخامسة 1990   ــ والكلام لايزال للدكتور الغامدي فإن من الأهداف المحددة للخطة الخامسة أن تخفيض معدلات استهلاك المياه يعد من أهم  من أهم الأهداف الأساسية لقطاع المياه خلال فترة الخطة الخامسة، لكن النتيجة تجاهل كل تلك التوصيات وأيضا زادت المساحة المزروعة عن الخطة السابقة بنسبة زادت عن: (65%)، ما أدى إلى زيادة استنزاف المياه الجوفية.
    وخلص إلى القول انه ومنذ العام من عام 1970 بداية الخطة الخمسية الأولى وحتى عام 2003 حيث توقف توزيع الأراضي الزراعية، أي خلال حوالي أربعة عقود  زادت المساحة المزروعة في المملكة بنسبة بلغت أكثر من(2449%)، والذي يعني (استمرار التوسع في استنزاف المياه الجوفية سنة بعد أخرى).
    وتطرق إلى (أسعار الضمان) كأحد الأسباب التي ساهمت في استنزاف المياه الجوفية وقال ان الدولة بدأت بشراء القمح بأسعار تفوق الأسعار العالمية، فقد تم شراء القمح بسعر (ريالين) للكيلوغرام، في وقت كان السعر العالمي (ريال، ونصف) ثم رفع السعر إلى (3.5) ريال للكيلو ، ثم انخفض السعر إلى ريالين، ثم  إلى ريال ونصف عام 1996، وقد بلغت قيمة المبالغ المنصرفة على شراء القمح والشعير  أكثر من 70 مليار ريال.. فأسعار الضمان  شجعت  دخول رجال الأعمال إلى القطاع الزراعي عن طريق إنشاء الشركات والمشاريع الزراعية، بل حتى الموظفين من مدنيين وعسكريين حصلوا على أراضي زراعية للاستفادة من أسعار الضمان المتاحة.. مما ساهم  في زيادة المساحة الزراعية التي تعتمد على المياه الجوفية غير المتجددة، وساهمت أيضا في خلق الرغبة نحو المزيد من الثراء  على حساب المياه الجوفية،. مشيرا إلى أن  مقدار الإعانات المقدمة من البنك الزراعي حتى عام 2007  حوالي (13 مليار  ريال) خصص حوالي  نصف هذا المبلغ للمكائن والمضخات لاستخراج المياه الجوفية، في حين بلغت قيمة القروض المقدمة منذ تأسيس البنك عام 1964 حتى عام 2007  أكثر من 40 مليار ريال..بلغت قيمة المشاريع الممولة من البنك حتى عام 2007 حوالي 10 مليارات ريال.
    وأورد الغامدي عدة حقائق تعكس أزمة المياه في المملكة إذ (لم يتم تحديد كميات المياه التي تستهلك سنويا.. ولم يتم ترشيد استخدام المياه الجوفية..
    ولم يتم فرض نظام يتعلق بالمياه الجوفية.. ولم يتم فرض تركيب عدادات على الآبار التابعة لشركات ومشاريع زراعية وأيضا أفراد ، وان هناك  جهات تستنزف المياه الجوفية كما تشاء .. ووفقا لما تشاء.. وبأي وسيلة تشاء..وفي أي وقت تشاء.. ولأي غرض تشاء..وبأي كمية تشاء .. متوقعا أن يزيد عدد الآبار في المملكة عن 200 ألف بئر..وإذا  أضيفت إلى  الآبار العشوائية فقد يزيد العدد عن (300) ألف بئر، جميعها تستهلك المياه الجوفية، التي تتعرض ــ إضافة إلى ذلك ـ إلى العديد من المشاكل أهمها سوء الاستخدام، وسوء الإدارة، والاستنزاف الجائر والتلوث، متوقعا لها النضوب.. متسائلا هل نستعين بخبرات العطشى في أفريقيا؟! وقال إن ما يحصل في إفريقيا قد حذر منه العلماء قبل أكثر من 50 عاما  من حدوثه.
    وعن محطات التحلية قال إن جدوى هذه المحطات ايجابي إذا كانت داعما للحفاظ على المياه الجوفية، . معربا عن أسفه بأن اعتمادنا على التحلية كبير، ولكن لا يوجد تخصص أو قسم لدراسة موضوع التحلية في جامعاتنا المحلية.
    وقال لأن المياه تمنح مجانا إلى المشروعات الزراعية، لذلك تجد أن الري بالتنقيط، والري بالرش لا يحقق الهدف المطلوب منه، وهو توفير كميات المياه.
    وكان مساعد أمين عام الغرفة لشؤون اللجان عبد الرحمن الحمين الذي  أدار دفة الحوار قد أوضح في كلمة ترحيبية بأن هذا اللقاء، الذي يأتي امتدادا لاهتمام غرفة الشرقية بكل ما يتعلق بقضايانا الاقتصادية، خاصة المستقبلية منها، وفي مقدمتها قضايا التنمية البيئية التي تؤثر تأثيرا كبيرا على الكثير من القطاعات الاقتصادية، حيث يتوقف عليها، إلى حد كبير، تطور الأداء الاقتصادي في الكثير من المجالات.
    وقال الحمين إن  قضية المياه تشغل جانبا كبيرا من اهتمام معظم دول العالم، إن لم يكن كلها، وحيث أصبحت هذه القضية من الأولويات التي تفرض نفسها على المهتمين بالتنمية خاصة، والمعنيين بمستقبل التطور البشري بشكل عام، في ضوء ما تطرحه العديد من الدراسات والبحوث العلمية حول ندرة المياه، واتجاه نصيب الفرد من المياه في العالم إلى التناقص، في ظل الزيادة السكانية العالمية المستمرة، وتزايد التطور الصناعي على المستوى العالمي، والتوسع في استخدام المياه واستهلاكها في العديد من الأغراض.

     

حقوق التأليف والنشر © غرفة الشرقية